يوم فورد الحموي

Posted By:
To: Members in International cause to close Facebook account (Syrian Revolution 2011

خطة إجهاض الحوار
كتب: المحرر السياسي
الخطوة مشبوهة وفي توقيت مشبوه، وهي تعبير مفضوح من خارج كل الأعراف الدبلوماسية، عن التواطؤ الاميركي مع العاملين على تقويض اسس السلم الاهلي والاستقرار الداخلي في سوريا، وتعطيل الحوار الذي بدأ حول تعديل الدستور وإصلاح المؤسسات. بهذه القراءة يمكن وصف الزيارة التي قام بها السفير الاميركي روبرت فورد واستطراداً السفير الفرنسي الى مدينة حماة، في مواكبة التظاهرات التي كانت متوقعة يوم الجمعة الفائت. ماذا في الزيارة وماذا في المشهد السوري؟

يوم الخميس الفائت كانت دمشق تتهيأ لإنجاح اللقاء التشاوري للحوار الوطني (المقرر يومي الاحد والاثنين) على شكل طاولة مستديرة تضم حوالى مئتي شخصية سياسية وأكاديمية وحزبية، من بينها نحو خمسين من ممثلي احزاب “الجبهة الوطنية التقدمية” وحزب البعث الحاكم، اضافة الى شخصيات مستقلة ونخب فكرية.
اللقاء الذي دعت اليه “هيئة الحوار الوطني” التي تشكلت قبل اسابيع، تقرر ان ينعقد في فندق “صحارى” قرب دمشق، وعلى جدول اعماله مجموعة طروحات واقتراحات تتصل بالدستور (بين خياري التعديل والتغيير). والمعلومات التي وزعت قبل انعقاده اشارت الى أن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع سوف يستهله بكلمة، قبل ان تتم عملية إقرار جدول الاعمال، يصار بعدها الى مداخلات خطية وشفوية حول مشاريع القوانين المطروحة للنقاش، وأبرزها قوانين الاعلام والاحزاب والانتخابات.
وقد اوضحت المصادر في “هيئة الحوار” ان أحد الامور الاساسية المطروحة على جدول اعمال اللقاء التشاوري، ما اذا كان الدستور السوري يتطلب تعديلا على بعض المواد ام تغييرا فيه باعتبار انه يعود الى العام 1972، ما يعني تشكيل لجنة مختصة لصوغ المقترحات الدستورية بعد اللقاء. وتضمنت بطاقة دعوة المشاركين الى اللقاء، بنداً يتعلق ببحث تعديل بعض مواد الدستور بما في ذلك المادة الثامنة منه لعرضها على اول جلسة لمجلس الشعب (البرلمان) وعدم استبعاد وضع دستور جديد للبلاد وفق آليات يتم الاتفاق عليها.
وستحدد نتائج “التشاوري” سير العملية القانونية المقبلة، اذ ان احد الاحتمالات المطروحة إقرار مشاريع قوانين الاحزاب والانتخابات والاعلام في جلسة يعقدها مجلس الشعب بعد استئناف دوراته في السادس من الشهر المقبل، باعتبار ان المجلس الحالي سيعود الى الانعقاد وان الانتخابات لن تجرى حالياً. وفي هذا المجال، اكدت مصادر حزبية رفيعة المستوى وجود مقترح بعقد مؤتمر قطري لحزب البعث الحاكم بعد اللقاء التشاوري ليقر التحولات السياسية والاقتصادية وخلاصات اللقاء التشاوري والاصلاحات الاخرى، علماً ان آخر مؤتمر لـلبعث عقد في حزيران (يونيو) 2005.

تشويش
في مواكبة هذه التحضيرات عادت المساعي الاميركية والاوروبية الغربية الى فبركة روايات واجتهادات تستهدف سوريا. ابرز هذه المساعي تمثل ـ كما هو معروف ـ في محاولة كل من فرنسا، بريطانيا، المانيا ـ البرتغال إعداد مسودة مشروع قرار دولي لإدانة دمشق، إلا أن الرفض الروسي ـ الصيني أسقط هذه المناورة. وفي محاولة لتعويض هذا الفشل انطلقت جوقة المنظمات التي تدور في فلك الاستخبارات الاميركية في حملة اعلامية مضللة تركزت على النقاط الآتية:
- اعداد تقرير بتوقيع منظمة العفو الدولية، يطالب مجلس الامن باتخاذ قرار يحيل الملف السوري الى المحكمة الجنائية الدولية.
- اطلاق تصريحات فرنسية متكررة ضد سوريا بصورة خاصة عن الخارجية الفرنسية.
- التركيز على انتقاد الموقفين الروسي والصيني بحجة معارضتهما اي تدخل خارجي، مباشر او غير مباشر في الشأن السوري.
في موازاة هذه الحملة نشر الموقع الالكتروني الخاص بمجلس العلاقات الخارجية الاميركي، تحليلا مختصرا أعده الباحث اليهودي الاميركي ديبورا جيرومي، المحلل السياسي الذي يتولى منصب نائب رئيس التحرير تطرق فيه الى مجموعة اتهامات وفرضيات تشكل جزءاً من الهجمة الغربية ـ الاسرائيلية على دمشق، أبرز ما فيها:
- تأكيد ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” التابعة لجماعة المحافظين الجدد حول أحداث مدينة حماة السورية الأخيرة، والذي زعمت فيه الصحيفة أن قوات الأمن السورية قد قتلت وجرحت العشرات في المدينة.
- اتهام دمشق بأنها تسعى من جهة إلى المطالبة بإجراء الحوار مع المعارضة، وفي الوقت نفسه من الجهة الأخرى تسعى بقوة السلاح إلى استهداف المعارضة.
- الزعم بأن سلطة دمشق قد أصبحت في حالة انكشاف إزاء الضغوط المتزايدة المفروضة عليها.
- تأكيد التحليل الذي أعده بيتر هارلينغ، وروبرت مالي، ونشرته صحيفة “واشنطن بوست” الاميركية، والذي زعما فيه أن دمشق سوف تواجه الانقسامات والتفكك الداخلي.
وما هو جدير بالاهتمام والملاحظة، أن اليهودي الأميركي ديبروا جيرومي، سعى إلى تضمين تحليله المزيد من النقاط التي تتطابق وتتقاطع مع تصريحات الناطق باسم الخارجية الفرنسية، وأيضاً مع محتوى تقرير منظمة العفو الدولية، والذي وإن كان قد تحدث عن “نزوح آلاف السوريين إلى الأراضي التركية”، فإنه تفادى وتجنب عن عمد الإشارة إلى عودة الآلاف منهم إلى مواطنهم وبلداتهم. أما معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، التابع أيضاً لجماعة اللوبي الإسرائيلي، فقد نشر تحليلاً أعده اليهودي التركي الأصل، الاميركي الجنسية سونير كاغابتاي خبير المعهد في الشؤون التركية، توقف فيه عند النقاط الآتية:
- إن تزايد الاضطرابات في سوريا سوف يؤدي إلى تزايد المخاطر المحدقة بتركيا.
- ان انقرة اعلنت رغبتها الرسمية إزاء ضرورة تهدئة الأوضاع في سوريا.
- إن استمرار الاضطرابات في سوريا يجعل أنقرة غير قادرة عملياً على تفادي خيار إعادة إحياء مخطط المنطقة العازلة التركية داخل الاراضي السورية، كمنطلق الى تدويل الملف السوري.

يوم حموي
في مواكبة هذه الحملة الدبلوماسية والاعلامية، وعشية اللقاء التشاوري الذي تحدد موعده وجدول اعماله، طرأ تطور لافت في التعامل الاميركي ـ الفرنسي مع الملف السوري، تمثل في الزيارة المزدوجة التي قام بها السفيران الاميركي والفرنسي روبرت فورد واريك شوفالييه، يوم الجمعة الفائت الى مدينة حماة. الخارجية الاميركية كشفت مسبقاً عن هذه الزيارة، مدعية أن السفير قصد المدينة بإذن مسبق من السلطات السورية، في حين أكدت السلطات السورية انه تجاوز كل الأعراف الدبلوماسية وذهب من دون اذن مسبق ومن دون اعلام الخارجية. وأبرز ما لفت في رحلة فورد انه يصر على ان يطلع شخصيا على الوضع الميداني للمعارضة السورية، ويتعرف الى رؤيتها او تصوراتها السياسية، علماً أنه سبق للادارة الاميركية ان رحبت بالحوار مع المعارضين بعد اللقاء التشاوري الذي عقد في فندق ساميراميس.
وفي تقدير فريق من المراقبين أن الزيارة التي تطوع لها السفيران يمكن ان تندرج في احد سياقين:
- خداع المتظاهرين وإيهامهم بأن تحركهم هو موضع اهتمام داخل دوائر صنع القرار الاميركية والفرنسية.
- اعداد تقرير مفصل الى مجلس الامن الدولي حول طروحات المعارضة وطروحات النظام يصار الى مناقشته في جلسة مغلقة، تمهيدا لاتخاذ قرار دولي، من خارج اللقاء التشاوري الذي دعت اليه دمشق.
وفي معرض التعليق على التحرك الاميركي المفاجئ وغير المبرر قالت المستشارة الاعلامية والسياسية لرئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان ان “سوريا تتصرف بالقدر الأقل ازاء الاحتجاجات لكن زيارة السفير الاميركي الى حماة (التصريح صدر قبل أن يصل السفير الفرنسي) هو لمنع حل المشكلة.
وفي حديث لشبكة الـ”BBC” يوم الجمعة الفائت، سألت شعبان: كيف وصل السفير الاميركي الى جامع في حماة يسيطر عليه مسلحون والطرقات يقطعها “حاملو السلاح والمخربون”، وأضافت: من منع المواطنين من الوصول الى دوائرهم الرسمية؟ مؤكدة أن “العناصر المخربة هي التي تقوم بالعنف في الشوارع “. والتعامل الأمني مع الاحتجاجات اقل ما يمكن. ورأت شعبان إعلان أميركا أن سفيرها سيبقى في حماه ليشارك في جمعة “لا للحوار” يدل على أن واشنطن تريد تعطيل الحوار الوطني في سوريا. وأكدت شعبان ان زيارة السفير دليل على فشل كل محاولات واشنطن، ولم يبق إلا التدخل المباشر كما يفعل السفير الأميركي في حماة. ونوهت المستشارة عندما يذهب السفير الأميركي إلى حماة ويدخلها مع المسلحين يشجع الإرهاب ويحرض على الفوضى وقالت: أذكر الغرب أن عمر سوريا 7000 سنة وجاء إلى سوريا غزاة كثيرون وبقي الشعب مدركا مصالحه وسيادته، وشدّدت على أن “الحوار والاصلاح ماضيان وسوريا ستكون بخير وسليمة ومعافاة”.
ويشير مراقبون الى ان يوم روبرت فورد الحموي، نوع من المشاركة في “اللاحوار” الذي يريده المعارضون، خلافاً لمواقف اميركية سابقة خلاصتها ان واشنطن شجعت على وضع “خطة طريق” للاصلاحات، من اجل اخراج سوريا من المشاكل التي تواجهها. اما الموقف الفرنسي فلم يفاجئ احدا، بدليل انه يشكل امتدادا لقرار وزارة الخارجية الفرنسية (4 ايار/مايو الفائت) تعزيز احتياطات الامن في محيط السفارة، والقرار الآخر الذي طلب من الفرنسيين المقيمين في سوريا مغادرة البلاد اذا لم يكن وجودهم فيها ضروريا. ثم ان تصريحات وزير الخارجية ألان جوبيه واضحة جدا لجهة السعي الفرنسي المتواصل إلى تأمين عدد الأصوات الكافية في مجلس الامن لإدانة سوريا. ومعروف ان الولايات المتحدة كانت قد اتخذت قرارا في 25 نيسان (ابريل) الفائت بترحيل أسَر موظفي سفارتها والعاملين الاميركيين غير الضروريين من دمشق.

مشروع الاعلام
يبقى أن مراجع سورية مطلعة ومواكبة لحوارات الورشة الاصلاحية ـ وقد بدأت ـ سربت في الاسبوع الفائت النقاط الاساسية في مشروع قانون الاعلام السوري الجديد، استنادا الى المسودة التي اصبحت في عهدة رئاسة الحكومة. وأهم هذه النقاط:
ـ لا سلطان أو وصاية على الإعلاميين في أداء عملهم لغير القانون.
ـ لا يجوز أن تكون المعلومة والرأي الذي ينشره الإعلامي سبباً للمساس بأمنه وحريته.
ـ لا يحق لأي جهة مطالبة الإعلامي بإفشاء مصدر معلوماته إلا أمام القضاء، وفي جلسة سرية.
ـ يكفل القانون حصول الصحفي على أي معلومة يطلبها من الجهات العامة.
ـ أي إهانة أو اعتداء على إعلامي أثناء أو بسبب قيامه بعمله يعتبر اعتداء على موظف رسمي حسب القوانين النافذة.
ـ حرية إصدار رخص وسائل الإعلام للأحزاب السياسية والأشخاص، ويمنح الترخيص للناشر من المجلس الوطني الأعلى للإعلام.
ـ لا تزيد ملكية أي شريك في وسيلة إعلامية عن 20 في المئة للإعلام البصري السياسي.
ـ لا تزيد ملكية أي شريك في وسيلة إعلامية عن 49 في المئة للإعلام البصري غير السياسي.
ـ يكتفي الإلكتروني بتقديم «إخطار» إلى المجلس الوطني.
ـ يلتزم المجلس بإعطاء وثيقة الاعتماد للموقع الإلكتروني بمهلة 15 يوم عمل من تاريخ التسلم.
وقد أنجزت اللجنة مسودتها الأولى، وتستكمل جلسات البحث والنقاش والإعداد اليومي في مركز التدريب الإذاعي في كفرسوسة من اجل تفصيل دور ومهام المجلس الوطني للإعلام ومهامه، وتناقش شأن الشركات التي تخدم الإعلام، ومهمتها الثانية في جدول الأعمال: إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية القائمة كوكالة الأنباء السورية (سانا) والتلفزيون وسائر المؤسسات الرسمية القائمة

سقط مشروعهم وأصبح في نهاياته

وسقطوا معه هم وأدواتهم

وانتصرت سوريا بجيشها وشعبها وقائدها